حكاية جمعية أصدقاء جامعة بيرزيت

د. محمد مسروجي - المؤسس والرئيس الفخري للجمعية
د. محمد مسروجي - المؤسس والرئيس الفخري للجمعية

بقلم: د. محمد مسروجي

المؤسس والرئيس الفخري للجمعية

تأسست جمعية أصدقاء جامعة بيرزيت في العام 1993، في ظل أجواء قاهرة وتشديد غير مسبوق بهدف خنق الفلسطينيين، عبر حصار المدن والبلدات والقرى والمخيمات في الضفة الغربية وتقطيع أوصالها بفرض الاحتلال للمزيد من الحواجز العسكرية الفاصلة بينها، وتشديد إجراءاتها التعسفية على الطرق.

في ذلك الوقت، كانت الاتصالات مقطوعة في جلّها بين طلبة جامعة بيرزيت وعائلاتهم، وبينهم طلاب من قطاع غزة وآخرين من جنين أو الخليل وغيرها من محافظات الوطن، فتقطعت بهم السبل ، وباتوا بحاجة إلى دعم عاجل، وهو ما كان بناء على مبادرة من مجموعة رجال أعمال ومُبادرين، طرحوا الأمر عليّ، وكان من بينهم على ما أذكر: المرحوم ماهر حلوة والمرحوم ابراهيم عوض الله ووجيه العطاري وناصيف أبو شوشة ورجا السلطي، وعلى الفور ودون تردّد، قررنا اتخاذ ما يلزم للوقوف مع هؤلاء الطلبة، وتأسست جمعية أصدقاء جامعة بيرزيت، بحيث أصرّ المُبادرون، وقتذاك، أن أترأسها.

تم تشكيل هيئة تأسيسية ضمّت رجال أعمال مرموقين في فلسطين، ولهم حضورهم الوطني المؤثّر علاوة على الاقتصادي، وكان الهدف الأول، حينذاك، توفير وجباتٍ غذائية لمن تقطعت بهم السبل من طلبة جامعة بيرزيت.

بعدها، أخذنا نفكر بمشاريع أخرى من أجل دعم الجمعية، وتوفير موارد مُستدامة، أو شبه مُستدامة لها، بالإضافة إلى التبرّعات، فكان مشغل "إيد بإيد"، وهي منتجات تُصنع بأيدي الطلبة، وتتكئ أساساً على موروثنا الثقافي المادي، من تطريز وصناعات من القش بأنواعها، بحيث تشكّل بمنجزها النهائي هدايا تقدمها المؤسسات الفلسطينية بأنواعها لمن ترغب، إضافة إلى مشروع تأجير المظلات الذي درّ دخلاً إضافياً إلى الجمعية.

تقدّم الجمعية الخدمة للطلاب كما لجامعة بيرزيت، عبر هذه المظلات، علاوة على تنظيمها حملات لتخضير الجامعة، وإنشاء مقاعد خشبية وحجرية في أنحائها المتعددة، والمساهمة في تطوير المكتبة، علاوة على بناء مركز خدمات ما حوّل الجمعية إلى جسرٍ ما بين المجتمع والجامعة، فهي تعنى بشؤون جامعة بيرزيت وتقديم إضافات معنوية لها. كما قدمت الجمعية حتى الآن مئات آلاف الوجبات للطلاب ومع مرور الزمن توطّدت العلاقة، وأصبح التنسيق بين الجمعية والجامعة كبيراً وشاملاً بحيث حققت الجمعية والجامعة من خلالها، الكثير من الإنجازات والفوائد المادية والمعنوية.

أصبحت الجمعية مع الوقت من الدعائم الهامة للجامعة دون أن يمسّ ذلك باستقلاليتها، ودورها في خدمة جامعة بيرزيت في الوقت ذاته.

لقد قدمت الجمعية خلال هذه السنين خدماتها لمئات الطلبة، وحققت لهم أمنياتهم باستكمال تعليمهم، حتى أنها ساهمت في تحرير العديد من شهادات الطلبة ممن أنهوا درجة البكالوريوس ولم يتمكنوا من تحريرها، بسبب ضيق الحال. كما ساهمت أيضاً في تشغيل عدد من خريجي جامعة بيرزيت، ولا تزال تقوم بذات النهج، تبعاً لرؤيتها وأهدافها، بل وتعمل على تطوير عملها ضمن إمكانياتها والوسائل التي تركن إليها لتحقيق رسالتها.

بعد ثلاثين عاماً على تأسيسها باتت الجمعية أفضل بكثير ممّا كانت عليه في مرحلة البدايات، وهذا أقوله، بعد أن غادرت الجمعية في العام 2022، وكلّي فخر بما أُنجز، وآمل بأن القادم أفضل مع تشكيل مجلس إدارة متمكّن ومتميّز يدير شؤونها ويُشرف عليها ويحافظ على رسالتها التي أردناها لها، منذ تأسيسها في العام 1993.

نفخر كل الفخر، بديمومة الجمعية واستدامتها، وهي من بين الجمعيات القليلة التي حافظت على بقائها لعقود، ولا تزال قادرة على تأدية رسالتها وتحقيق أهدافها والعمل على تطوير ذاتها وأدواتها لضمان استمراريتها لعقود مقبلة من أجل خدمة الطالب الفلسطيني وتمكين المجتمع.